الانترنت .. هذا الابتكار الذي حول العالم إلى قرية صغيرة واخترق كل بيت ومؤسسة .. فأصبح يمثل بعداً هاماً وخطيراً من أبعاد العولمة .. تتمثل خطورته في انك وبمجرد الجلوس التقليدي أمام شاشة الكمبيوتر يمكن لك أن تتطلع وتصل لأي مكان في العالم دون رقيب أو حسيب .. وهنا يبرز متطلباً هاماً يجب أن يكون متوفراً في شخصية الفرد ومستمداً من التنشئة والتربية السليمة لهذه الشخصية .. متطلباً يتمثل في روح المسؤولية التي يجب أن يتحلى بها كل فرد يدرك انه يمثل ويعكس ثقافة وعادات تمثل
وطنه ودينه..
.. الأهم أننا يجب أن ندرك ونتدارك أننا لسنا بصدد الوقوف على هذا التطور التكنولوجي.. ولكن المنوط بنا هو تسخير هذه الابتكارات لعرض ثقافتنا وقضايانا المهمة التي يجب ان يطلع العالم عليها فنصبح في جانب كبير منتجين لتكنولوجيا المعلومات ونسخرها لثقافتنا وليس العكس في ظل التطور المهم في هذا الجانب .
لقد أدى الإبحار في عالم الانترنت من فئة الشباب خصوصاً إلى ارتباط وثيق به وأصبح يحتل مكاناً هاماً في حياتهم .. كما انه شكل حافز يراود كل شاب لا يزال خارج هذه البوتقة .. وفي محافظة غزة بات الأمر ملحوظاً وملموساً .. تمثل في انتشار مقاهي الانترنت أو ما يعرف بـ"كفي انترنت" في أرجاء وأحياء المحافظة .. ولكن ماذا يدور في هذه المقاهي.. وماهية اهتمامات الشباب التي تحفزهم لارتياد هذه الأماكن وكيف يستغلون هذا التطور التكنولوجي
الشبكة الدولية للمعلومات (انترنت) مثلت طفرة العصر الاتصالية والعلمية التي جعلت العالم في غرفة كل من يرغب فيه.. ولكنه يظل سلاحاً ذا حدين، فمنا من يستخدمه لمواكبة ايقاع حركة الحياة العصرية وزيادة العلم والمعرفة.. ومنا من يراه ساحة لقتل الملل واهدار الوقت.. والبحث في عالم المجهول دون خطة أو هدف.. فبقدر ما أضافت هذه الطفرة العلمية الى حياتنا الكثير من مضامين التقدم والتطور والرفعة.. فقد أخذت منا الكثير من الوقت.. ومن البعض القيم.. وتعطلت جوانب علمية لدى البعض.
هذا التحقيق يبحث في الجوانب المتعددة لافرازات هذه الشبكة العنكبوتية.. استخداماتها.. اهداف المستخدمين.. نوعيتهم.. الايجابيات.. السلبيات.. وفي كل الحالات المستخدم هو سيّد الموقف..!
ان الانترنت أصبح مهماً وضرورياً ولكن ليس معنى ذلك أن يصبح الشغل الشاغل لمستخدمه..مثلا البعض يستخدمه في البحث عن العلوم الدينية والثقافية، ولزيادة حصيلته العلمية.. وان ختار له من البرامج التوعوية.. التي تفيده ..
البعض الاخر له راي في
ان الانترنت أتاح له فرصة كبيرة في التعرف على أحدث ما وصل اليه الطب وكذلك في البحث عن بعض الكتب والمراجع المفيدة في مجال تخصص الفرد ..
في عالم الشبكة الدولية للمعلومات التي توفر لنا الكثير من عناء البحث. معركة الكومبيوتر البعض يسرف في وقت الاستخدام، ولو على حساب مهام وواجبات اخرى اكثر أهمية..
.... أو دون هدف.. لأن الوقت ثمين وجزء مقتطع من عمر الإنسان لا يعود أبداً إليه مهما كان..!! حول هدر الوقت سدى.. وعدم الاستفادة من ساعات الجلوس أمام الجهاز
من المؤكد ان الانترنت كما له ايجابيات له أيضاً سلبيات.. فهو سلاح ذو حدين.. لذلك أرى في حالة احتياج الأب أو الأم.. أو أحد أفراد الأسرة للجهاز ان يضعه في مكان خاص ويغلق عليه الباب وألا يكون ألعوبة في يد المراهقين.. أو الاطفال فقد يقودهم فضولهم أو أصدقاء السوء إلى مواقع تكون سبباً في انحرافهم.
ان الانحراف مشكلة وضياع الوقت مشكلة أخرى.. فالشباب والفتيات اللاتي يتعودن الجلوس على الكومبيوتر لا يحاولن تعلم فن الطبخ ولا مساعدة أمهاتهن.. لأن الانترنت يسرق الوقت خلسة.. وتمر الساعات الطوال وكأنها ثوان معدودة.. وهذا للأسف ما يحدث في كثير من البيوت.
اما بالنسبة لي انا كطالب فقد استفدت كثيرا من الانترنت وارى ان له ايجابيات كثيرة توسعت مداركي وتعرفت على اشياء علمية كثيره لم اعرفها واي موضوع او بحث دائما اجده في الانترنت اخر اخبار التعليم والطب والسياسة والاقتصاد تجدها اول باول لذلك اشعر بأنني استفدت منه كثيراً. وهكذا نجد ان الانترنت له مساوئ بقدر فوائده، بل اكثر لكن العاقل من استخدمه للفائدة دون أن يسرق وقته.
لي بعض ملاحظات لمتصفحي الانترنت ونصائح اود طرحها
﴿الأولى﴾
إن المؤمن موجود هادف في كل حركاته وسكناته .. فإن تصفح المواقع المختلفة - من دون هدف معين - فيه هدر للوقت.. فينبغي تحديد الوجهة والغاية ثم البحث عما هو نافع في ذلك المجال ، ولا شك انه اقل القليل في خضم هذا الركام الهائل ، من المواقع المحرمة او الغير الهادفة
﴿الثانية﴾
إن فتاوى مراجعنا العظام - أدام الله تعالى ظلهم - تؤكد على المنع من النظر الى المواقع الخلاعية : بالصور الثابتة او المتحركة .. بشهوة وبغير شهوة .. بريبة وبغير ريبة.. للمتزوج وغيره..وهي لا شك فتوى حكيمة ، لأن للشيطان خطواته ، فتبدأ بالصورة وتنتهي بالواقع .. فلا ينبغي الإصغاء الى بعض التسويلات التي توقع الإنسان في شباك إبليس من دون التفات..
﴿الثالثة﴾
ان شهوات الدنيا كماء البحر كلما شرب منه الإنسان ازداد عطشاً.. فإن التوغل في الاستمتاع بالشهوات - بشتى صورها - لا يزيد الإنسان الا حرصا وهو ما نشاهده في الغرب .. فلم يعد هناك شيء يسد شهوة الاستمتاع .. وذلك لان كل نعيم دون الجنة مملول وكل بلاء دون النار عافية.
﴿الرابعة﴾
ان العلماء في زمان الغيبة هم حصون الاسلام الحصينة ، فلا تتردد في عرض مشكلتك الاعتقادية والفقهية والاخلاقية .. فان ما ورثناه من مدرسة اهل البيت في فهم الاسلام الصحيح مبني على اساس المنطق والعقل.. فهو بناء محكم القواعد في مجال : العقيدة والفقه والتفسير والحديث وغيره.
﴿الخامسة﴾
ينبغي مراقبة الأحداث وبشكل عام المستفيدين من المواقع سواء في إطار المنـزل او العمل.. فان الذي يتيح الاستفادة من الانترنت لمن بين يديه من رعيته ، مسؤول عن كل سلبية قد تحدث، نتيجة الاستفادة الخاطئة..
ولطالما أوقعنا فلذات أكبادنا وبأموالنا ، في المهالك من حيث لا ندري.
﴿السادسة﴾
ان الدخول في برامج المحادثة يتخلله الكثير من اللغو والحرام في بعض الحالات .. فينبغي تجنب الدخول فيما لا يعني العبد الملتفت الى نفسه..
كما ينبغي الالتفات الى عدم الدخول في الحوار بعنوان الدفاع عن الحق لمن ليست له المؤهلات الكافية في هذا المجال فيسيء الى الحق بدلاً من إفادته.
﴿السابعة﴾
يحسن ان تعرّف الأخرين علىالمواقع الهادفة التي ترمى الى إفادة المؤمن في دينه أو دنياه ، كما ينبغي العمل بوظيفة النهي عن المنكر عند تورط صاحبه في الباطل أو الحرام
@ كيف ترون التطور الحاسوبي والتقني الآن؟
- ليس جديداً أن يقول أي شخص أننا نعيش عصر الحاسب الآلي فالتقنية غيرت معالم الكرة الأرضية ودخلت في كل شيء تقريباً عندي جرأة أن أقول أن التقدم العلمي التقني في العقود الثلاثة الأخيرة تفوق ما قبلها خلال حياة البشر على الأرض وذلك راجع بعد إرادة الله إلى اكتشاف الحاسب الآلي والذي يعتبر القلب النابض لكل أنواع التقنية المتقدمة التي نعيش آثارها الآن.
@ هل حقق هذا التطور الانتقال السريع في أساليب الحياة؟
- الحاسب الآلي يتقدم بشكل مطرد وبفقرات سريعة وكبيرة وهنا مكمن الخطورة فلك أن تتخيل أخي الكريم أن مجتمع آبائنا كان يعيش في تخلف تقني أو تخلف في معظم جوانب الحياة المادية، وعلى سبيل المثال: والدي عاش في زمن لا توجد فيه كهرباء ولا سيارات ولا أي من أساليب الحياة الموجودة الان. وفي الوقت الحالي والدي يعيش في أعلى مستويات التقنية التي سارت عليها البشرية، فالانتقال السريع في أساليب الحياة الأساسية عبر جيل واحد قد لا تدركه العقول والطبائع بالشكل المناسب ويتسبب في وجود افرازات فكرية وصعوبات في التعامل بين جيل والدي وجيل التقنية أو جيل الحضارة الجديدة إن صح التعبير وهذا ما نخشاه في هذا الوقت الراهن، ونرى الآن بعض الآثار السلبية الموجودة في المجتمع نتيجة هذه الفجوة الموجودة بين الجيلين.
@ إذاً من المسؤول الجيل السابق جيل آبائنا أم الجيل الحاضر جيل التقنية؟
- في رأيي المتواضع أن المسؤول هو الجيل الماضي وأخص فيه الحكومات والمؤسسات الاجتماعية والفكرية فكنت وما زلت أتمنى أن تكون هنك جهات متخصصة على مستوى عال من العلم والبحث والثقة تدرس آثار التقنية على المجتمع وكيف يتقبلها وكيف يمارسها بالشكل الصحيح وألا يترك المجتمع هملاً يتقبل هذه التقنية أو تلك ويتفاعل معها كيفما يشاء، بحيث يكون لهذه الجهات صلاحيات تنفيذية حقيقية تطبق على أرض الواقع ولا يستثنى منها أحد.
كيف نعيش الآن سلبيات التقنية؟
- إن ما يعيشه المجتمع في هذه الأيام من تباين في التفكير وتطبيع في الحياة وتمييع للتقاليد والحياء والفضيلة وإفرازات للفكر الشاذ عائد إلى آثار التقنية الحديثة وليس كما
يدعيه بعض الناعقين بأن مناهجنا وتقاليدنا هي السبب ولك أن تتصور مجتمع آبائنا قديماً كان جل همهم حياتهم في محيط بيئتهم أما الآن فيمكن أن يعيش أخوان في منزل واحد يتلقى كل واحد منهما ثقافته وفكره عبر قنوات فكرية مختلفة عن الآخر ويمكن أن تصنع هذه القنوات المختلفة شخصيات مختلفة فكرياً واجتماعياً وأخلاقياً.
@ إذاً نعيش بعيداً عن التقنية حتى نعيش بسلام؟
- إن قلت نعم فسنكون كالنعامة، بل على العكس يجب أن نكون سباقين ليس لاستخدام التقنية فحسب ولكن لكي نكون مطورين يكون ذلك عن طريق الجهات المتخصصة التي ذكرتها في إجابة سابقة.
بعض الآثار السلبية التي يعيشها مجتمعنا؟
- مجتمعنا وللأسف يعيش عشوائية في كثير من جوانب الحياة ومنها طريقة قيادة السيارة ومنهجية الشراء والحوار والنقد والبيع والشراء واحترام الآخرين ومصادرة رأيهم وتزكية النفس والأنانية والطبقية وقد تلاحظ كثيراً من الأشياء المؤسفة عبر أجهزة الاتصال الخلي ويعرف بالكنويد أو عن طريق عالم الأشباح في شبكة الانترنت أو عن طريق القنوات الفضائية حتى أصبح معيار أحدهم (إذا لم يتعرف عليك أحد فقلل أدبك) وغاب عنهم أن الله لا يخفى عله شيء .
@ لماذا خرجت سلبيات المنتديات على الانترنت؟
- إن سلبيات ومشاكل المنتديات تتمثل في من يتكلم بطرق غير علمية وهدف غير واضح وأخلاق غير مهذبة، لأن هذا الشخص الذي يتكلم غير معروف وهذه الإشكالية في الحقيقة، فالنقد الصريح والهادف يحتاج إلى شجاعة وضبط فلا نطرح أطروحاتنا بشكل استفزازي ومعدوم من الأخلاق، وبعيد عن المنهج العلمي أول الأدبي. وعلى جميع من يملكون المسؤولية فتح قنوات إبداء الرأي بطرق مقننة، بحيث يُعرِّف الشخص بنفسه وتحفظ كرامته ويعطى الأمان بأن يطرح الرأي بشكل مناسب جداً حتى تكون في الحقيقة متنفساً للناس لإبداء آرائهم ونقضي على هذه المنتديات السيئة، وما نسميها حقيقة بعالم الأشباح.
@ لماذا استغل شبابنا وفتياتنا التقنية والانترنت في الدردشة غير المفيدة والبالتوك وتوافه الأمور والبحث عن الصور والمواقع المحجوبة؟
- إن المجتمع يتحمل هذه القضية فنحن نرى شبابنا يعيش إجازته الصيفية في السابق (النوم في النهار والسهر في الليل
ومشاهدة القنوات الفضائية والسفر والمعاكسات أو على أقل تقدير تضييع الأوقات بغير المفيد) فأصبحت هذه الأشياء قديمة فتوجه الشباب إلى قنوات جديدة لتفريغ الطاقات كالدردشة والبالتوك وتصفح المواقع السيئة، فهذه القضية تحتاج إلى تعب ودراسة وبذل
أموال واحتساب وجهد من جميع الجهات - حكومية وأهلية - لإيجاد الحلول المناسبة والفعالة لملء فراغ شبابنا في التعامل الإيجابي مع الحاسب الآلي بكافة طرق التعامل معه وخاصة في العطل الصيفية. فالمطلوب إعطاء الوجه الإيجابي والحسن للانترنت، فالانترنت فيها ايجابيات كثيرة فيمكن للإنسان أن يتسوق ويتعلم ويتثقف ويتواصل مع الناس صوتياً وكتابياً.
كيف ترون سياسة الحجب لبعض مواقع الانترنت؟
- سياسة الحجب للمواقع يجب أن تكون سائرة في طريقين متوازيين: أولاهما الحجب قدر ما نستطيع حتى لا يدخل ضعاف النفوس وثانيهما التوعية بخطورة هذه المواقع المحجوبة فنحن نعمل في مجتمع واحد وسفينة واحدة فيجب أن نعمل صفاً واحداً ونسعى إلى نشر مواقع مفيدة ونافعة ومنها المواقع الشخصية التي تستقطب كثيراً من الزوار، ونتمنى أن تكون هناك جهة مرجعية للحاسب الآلي والانترنت بحيث تكون مرجعاً علمياً للشباب وغيرهم في الاستفادة من الانترنت وكيفية عمل المواقع، وكيفية التسويق لهذه المواقع، حتى لا يكون هناك هدر مالي غير مفيد في مواقع لا تفيد.
@ هناك خطباء مساجد يحذرون من الانترنت دون معرفة بفوائده كيف ترون ذلك؟
- على الخطباء أن يكون لديهم وعي كبير في الانترنت ومساوئها ووعي علمي فلا يطرح الخطيب ما يعتقده أو يتصوره إنما يكون هناك مرجعية علمية بحيث يرجع إليها الخطباء والمحاضرون وطلبة العلم والشباب بحيث تستقي منها البيانات الأكيدة والأخطار الحقيقية والدراسات العلمية الموثقة.