إن التحدي الأكبر الذي يواجه طفل السكري والقائمين على رعايته هو القدرة على التحكم في مستوى السكر في معدل مقبول من غير انخفاض يخشى عواقبه أو ارتفاع لا يؤمن نتائجه. إن درجة نجاح الفريق الطبي المعالج ودرجة تفوق أهل مريض السكري يتناسب عكسياً مع مقدار التذبذب والتأرجح في مستوى سكر الدم.
وما من طبيب معالج وما من مريض مصاب إلا ويرغب في أن يضع سكره في معدل محدود ومستوى مقبول ولكن ما السبيل إلى تحقيق ذلك.
إن كان طفل السكري من مستخدمي العلاج التقليدي بالأنسولين وهو خليط الصافي والعكر قبل الإفطار وخليط الصافي والعكر قبل العشاء فهو بحاجة إلى تحليل السكر أربع مرات في اليوم قبل الوجبات الثلاث الأساسية وقبل النوم. ولكل تحليل مدلوله فتحليل الإفطار يحدد جرعة الأنسولين العكر قبل العشاء وتحليل قبل الغداء يحدد جرعة الأنسولين الصافي قبل الإفطار وتحليل قبل النوم يحدد جرعة الأنسولين الصافي قبل العشاء. فإذا مستوى السكر مرتفع في أحد هذه الأوقات يجب إضافة وحدة أو وحدتين من الأنسولين المناسب لهذه الفترة والعكس صحيح إذا كان السكر منخفضا في فترة معينة فيجب خفض جرعة الأنسولين المناسبة.
إن معرفة المريض لفترة عمل كل نوع من أنواع الأنسولين يساعده على التحكم في جرعة الأنسولين وبالتالي التحكم في مستوى السكر. ويعتقد بعض مرضى السكر خطأ أن جرعتي الأنسولين الصافي والعكر يجب أن تكونا ثابتتين والصواب أنهما تختلفان باختلاف مستوى السكر في الدم ويسمى هذا بميزان جرعات الأنسولين فيحدد مثلا بوحدة واحدة إذا كان مستوى السكر أكثر من مائة ووحدتين إذا كان مستوى السكر أكثر من مائتين وهكذا. ويجب على مريض السكري بمساعدة طبيبه اختبار هذا الميزان بأن يحلل السكر بعد الأكل بساعتين ويزيد أو ينقص جرعات الأنسولين حسب الحاجة. ويجب الأخذ في الاعتبار بأن تكون كميات الأكل ثابتة من الناحية النوعية والكمية والوقتية وان يكون الفارق الزمني بين تحليل السكر وآخر وجبة سواء كانت وجبة خفيفة أو رئيسية ساعتين فأكثر. حيث أن التفاوت في الفارق الزمني يؤثر في مستوى السكر وبالتالي في تذبذبه.
أما إن كان مريض السكري من مستخدمي العلاج المكثف بالأنسولين بأن يستخدم أربع حقن في اليوم وهي حقن الهمولوج قبل الوجبات الرئيسية الثلاث وإبرة اللانتوس طويل المفعول قبل النوم فإنه يلزمه تحليل السكر سبع مرات في اليوم قبل الوجبات الثلاث وبعدها وأثناء النوم وأيضاً يلزمه معرفة كيفية حساب الكربوهيدرات في الوجبات الغذائية. إن جرعة الأنسولين الهمولوج سريع المفعول تتحدد على حسب عدد الجرامات من الكربوهيدرات المتناولة وأيضا مستوى السكر قبل الوجبة الغذائية وهذا ما يعرف بمبدأ التناسب. فمثلا لو تناول المريض عشرة جرامات من الكربوهيدرات فإنه يجب عليه أخذ وحدة واحدة من الهمولوج وهكذا.
ولكن يجب أيضاً اختبار هذه النسبة وذلك بأن يقوم المريض بتحليل السكر قبل وبعد الوجبة للتأكد من صحة هذه المعادلة وجرعة الهمولوج المعطاة. إن حساب الجرامات من الكربوهيدرات والتي تقوم أخصائية التغذية بتعليمه للمريض أهم من الوسائل الغذائية للتحكم بسكر الدم وللحد من تذبذبه. وتكون بذلك جرعة أنسولين الهمولوج كافية وتغطي كمية الأكل المتناولة. أما عن مستوى السكر قبل الأكل ودوره في تحديد جرعة الأنسولين فتستخدم أيضا نظرية التناسب، فمثلا يعطى للمريض وحدة واحدة من أنسولين الهمولوج سريع المفعول لكل خمسين ملجم من السكر أكثر من المستوى المطلوب ولنقل ان المستوى المطلوب هو مائة ملجرام فمثلا لو كان التحليل مائتين فكان لازما للمريض أن يتعاطى وحدتين من الأنسولين لتصحيح ذلك. إن استخدام نظرية التناسب التي تعتمد على مستوى السكر وعدد الجرامات من الكربوهيدرات المتناولة تمنع إلى حد كبير التذبذب في مستوى السكر في الدم.
أما إن كان المريض من مستخدمي مضخة الأنسولين فهناك ثلاث جرعات من الأنسولين يجب تحديدها وهي جرعة الأكل والجرعة التصحيحية والجرعة المستمرة. أما جرعة الأكل فتعتمد على نفس النسبة السابقة وهي وحدة واحدة من أنسولين الهمولوج سريع المفعول لكل عشرة جرامات من الكربوهيدرات وهذه النسبة قابلة للزيادة والنقصان على حسب تحليل السكر، اما الجرعة التصحيحية فهي كما ذكر في السابق وحدة واحدة من الأنسولين الهمولوج تعطى لتصحيح وخفض سكر الدم بمعدل خمسين ملجم إذا زاد عن المائة ملجم وهذه النسبة أيضا قابلة للزيادة والنقصان على حسب استجابة الجسم. أما الجرعة المستمرة التي تضخها مضخة الأنسولين فإن تحديد كميتها يعتمد على وزن المريض وكمية الانسولين التي كان يتعاطاها مريض السكري قبل استخدام المضخة ولاختبار الجرعة المستمرة يجب أن يصوم مريض السكري فترة من اليوم ويقوم خلال هذه الفترة بتحليل السكر بصفة مستمرة.
ويتضح لنا مما سبق أن المحافظة على سكر الدم تستدعي تحليلا متكررا لسكر الدم ومتابعة دقيقة لكمية الكربوهيدرات المتناولة ومراجعة مستمرة للطبيب المعالج ومحاولة متكررة لتغيير جرعات الأنسولين لمعرفة ما يتناسب مع حاجة الجسم ولا يتمكن المريض والطبيب من النجاح إلا بتضافر الجهود واستمرارها.
٭منقول عن د. بسام صالح بن عباس استشاري الغدد الصماء والسكري
جريدة الرياض عدد13786 الخميس 23/2/1427هـ صـ49 عيادة الرياض
